انتحار قاصر يكشف ثغرات نظام رعاية الأحداث

لا يمكن الحديث عن أي إبجابيات عندما نخسر روحا  وخصوصا ان كانت لطفل قاصر.. 
عند متابعة مجريات ما حدث في حادثة الانتحار في الوروار  .. فقد تم توقيف هذا القاصر لمدة ثلاثة أشهر في نظارة مخصصة للأحداث قبل ان ينتقل منذ الشهر الى مبنى الأحداث في رومية ومن ثم الى مركز الوروار المخصص للقاصرين حديثا.
في الوروار، توجد مندوبة اجتماعية تابعة لوزارة الداخلية متخصصة وتتابع بشكل مستمر ودقيق .. 
الا ان كثرة عدد القاصرين وقلة عديد قوى الامن هو واقع لا يمكن انكاره.
كما ان نمط المحاكمات بطيء جدا .. 
اثناء التحقيقات، و في بعض الحالات ، يرفض القاضي تكليف محام على المحضر  من قبل القاصر نفسه في حال لم يحضر ذويه او أولياء امره لتنظيم وكالة ،  وبالتالي فعلى القاصر الانتظار  كي يتحول إلى الوروار كي يتم تكليف محامي لمتابعة ملفه و التوقيع على اخلاءات سبيل.
في حال تم تكليف محامي وتم تعيين جلسة له،  فان إمكانية عقد الجلسة قد يرجئ،  بسبب تعذر سوق القاصر ، او عدم حضور الراشد في الملف عينه،  او حتى عدم وجود محام...،   الامر الذي يؤدي الى تأجيل الجلسة  لمدة تتراوح بين شهرين الى خمسة أشهر في بعض الاحيان.
ان وجود القاصرين في الوروار وهو مبنى حديث ومجهز بأعلى وأفضل التجهيزات هو أمر في غاية الأهمية ولكن الحجر لا يغني عن البشر .. اي ان المطلوب هو تجهيز المبنى باخصائيين من كافة المجالات التربوية .. الترفيهية .. المدنية.. والنفسية. 
لقد لاحظت المندوبة الاجتماعيه في الوروار الحالة النفسية التي كان يعاني منها القاصر .. وتم تحويله الى مستشفى في التاسع من أيلول الحالي حيث تم وصف علاج مناسب لحالته النفسية. إلا أن عدم وجود أخصائية نفسية معالجة مجازة في الوروار لمتابعة مستمرة ويومية هو تحدّ كبير .. حيث ان كافة القاصرين يعانون بدون اي استثناء من وضع نفسي صعب خاصة و ان اغلبيتهم هم ما زالوا في طور التوقيف و لا يعرفون مصيرهم و  موعد الجلسة المخصصة لهم  و مدة الحكم اذ لديهم تساؤلات عدة مثل.. كم سأبقى في السجن .. متى سأخرج.. لماذا لا يزورني أهلي .. لماذا لا استطيع رؤية أهلي ... كل هذه الاسئلة هي تخبطات يومية.
بالنسبة لدور الاتحاد لحماية الاحداث في لبنان فان المندوبين الاجتماعيين يزورون الوروار  ويتعاونون مع القضاة لتسريع الملفات في محاولات مستمرة لإستبدال التدابير  المانعة للحرية بالتدابير غير المانعة للحرية.. وهناك قصص نجاح كثيرة في هذا المضمار.. 
الا اننا رصدنا مؤخرا أنه لا يتم  إعطاء اذونات  للاهل لزيارة أبناءهم القاصرين بالرغم من المذكرة الصادرة عن المدعي العام التمييزي بضرورة السماح للاهل بالزيارة.
تحديات كثيرة ومعقدة .... لابد  من فصل ملفات الراشدين عن القاصرين لان الجلسات تتعثر لعدم حضورهما معا .. لابد من توظيف ثلاثة  مندوبات اجتماعيات اضافيات في السجن بحيث تتابع كل منهم خمسة وعشرون ملفا على الاكثر.. لا بد من توظيف اخصائية نفسية مجازة.. لا بد من تسريع الجلسات .. لا بد من المتابعة مع الاهل كي يتقبلوا أولادهم بدلا من التبرؤ منهم .. لا بد.. لا بد ..
كل هذه تحديات علينا مواجهتها بإيجابية فقط كي لا نخسر روحا كانت البارحة معذبة سجينة داخل قضبان الجسد وأسوار السجن ووصمة المجتمع وتبرؤ الأهل واليوم اختارت ان تتحرر..... 
الأولى ان يتحرر المجتمع والنظام والتحديات من القيوده وأن نحتضن بقلوبنا ووعينا كرامة هؤلاء القاصرين الذين رمتهم الحياة في محدلتها ففقدوا الثقة بالحب والأمن والقانون والعدالة.